تعتبر السيارات والشاحنات، خصوصاً مركبات الديزل الثقيلة، المصادر الرئيسية للتلوث من قطاع النقل. لكن دراسة حديثة أجراها باحثون من أنحاء أوروبا ونُشرت في مجلة « nature communications» تظهر أن ثمة حاجة إلى إعادة نظر في هذا الاعتبار.

فالدراجات النارية الصغيرة (سكوتر) ذات الشوطين (two – stroke scooters) التي يركبها مئات  ملايين الأشخاص، خصوصاً في جنوب أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، هي المصدر الرئيسي لبعض الملوثات الأكثر ضرراً. لأنها تنفث كميات من المركّبات العضوية المتطايرة والجسيمات الغنية بالكربون تفوق نسبياً مئات أو آلاف الأضعاف ما ينفثه أي نوع آخر من المركبات الخفيفة والثقيلة.

هذه الجسيمات، سواء نُفثت مباشرة من العادم أو تكونت في الجو من خلال تفاعلات الأكسدة، لها عواقب سيئة على جهاز التنفس والجهاز القلبي الوعائي، فتزيد خطر الوفاة والمرض.

وهناك ثلاثة أسباب رئيسية لارتفاع نسبة الانبعاثات. فالمحركات ذات الشوطين تحتاج إلى إضافة زيوت تزليق الى الوقود. وبعض مزيج الوقود والهواء يمر مباشرة عبر المحرك بلا احتراق. وهذه الدراجات تستعمل عموماً نسبة هواء/ وقود منخفضة تحسن القدرة على القيادة، لكنها تطلق انبعاثات أعلى من أول أوكسيد الكربون والعطريات الخفيفة والجسيمات الأولية الغنية بالكربون.

ومن العطريات المنبعثة مادة البنزين، وهي مصدر قلق خاص بسبب فاعليتها المسرطنة. ووجد الباحثون مستويات مرتفعة من البنزين في الانبعاثات الخام من عوادم السكوتر تصل إلى 300 ألف مليغرام في المتر المكعب، أو 146 جزءاً في المليون. ويبلغ متوسط الحد الأقصى المأمون لصحة الإنسان في الاتحاد الأوروبي 5 مليغرامات في المتر المكعب، في حين يوصي المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية في الولايات المتحدة بأن يستعمل العمال أجهزة تنفس خاصة عند تعرضهم للبنزين بمستويات تفوق جزءاً واحداً في المليون لمدة 15 دقيقة. لذلك فان الانتظار وسط حركة السير خلف سكوتر قد يضر كثيراً بالصحة، كما استنتج الباحثون.

وعلى رغم صعوبة إجراء تقدير دقيق لمساهمة هذه الدراجات النسبية في العطريات والجسيمات الصادرة عن حركة السير، يعتبر الباحثون أنها تقع ضمن فئة التلويث الفائق، خصوصاً أن عدداً كبيراً منها في بعض المناطق لا يخضع لأي شكل من ضبط الانبعاثات. وهم يقدرون على سبيل المثال أنها، في بعض المدن الآسيوية مثل بانكوك، تساهم بما معدله 70 في المئة (وصولاً إلى 97 في المئة) من جميع الجسيمات الأولية على جانب الطريق، مع أنها لا تستهلك أكثر من 10 في المئة من إجمالي وقود النقل.

بل ثمة توقعات بأن الدراجات النارية الصغيرة سوف تنفث مواد عضوية متطايرة تفوق ما تنفثه جميع المركبات الأخرى في أوروبا مجتمعة بحلول سنة 2020. ومع ذلك فإن الأنظمة الأوروبية الخاصة بهذه الدراجات قديمة وأقل تشدداً مما هي مع أنواع أخرى من المركبات، إذ تعود الى العام 2002، بينما تعود الأنظمة المنقحة الخاصة بالسيارات الى العام 2013. وقد بدأت الصين فرض قيود على هذه الدراجات من أواخر تسعينات القرن العشرين. ونظراً إلى التكنولوجيات البديلة المتوافرة، من دراجات كهربائية وسكوتر ذات أربعة أشواط، فان فرض قيود على الدراجات ذات الشوطين وسيلة منخفضة الكلفة لتحسين نوعية الهواء في مدن كثيرة حول العالم(نقلا عن اليئة و التنمية).


الثلاثاء 10/05/1438 هـ 07/02/2017 م
التقييم: